للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فما معنى الباب الذي ذكر العلماء في كل مذهب؟ وهو: "باب حكم المرتد"، وهو المسلم الذي يكفر بعد إسلامه، حتى ذكروا فيه أنواعا كثيرة، كل نوع منها يكفّر الإنسان، ويحل دمه وماله؛ حتى ذكروا أشياء يسيرة مثل كلمة يذكرها بلسانه دون قلبه، أو كلمة يذكرها على وجه المزح واللعب.

والذين قال الله فيهم: {يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ مَا قَالُوا وَلَقَدْ قَالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ} ١ الآية، أسمعت الله كفّرهم بكلمة؟ مع كونهم في زمن النبي صلى الله عليه وسلم يجاهدون معه، ويصلون ويزكون، ويصومون ويحجون، ويوحدون الله سبحانه، وكذلك الذين قال الله فيهم: {أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ} ٢ الآية؛ قالوا كلمة على وجه المزح واللعب، فصرح الله أنهم كفروا بعد إيمانهم، وهم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك.

فتأمل أرشدك الله، من انتسب إلى الإسلام، مرق من الإسلام لما أظهر خلاف ذلك، فكيف بما هو أطم من ذلك; فإذا كان على عهد النبي صلى الله عليه وسلم وخلفائه من انتسب إلى الإسلام من مرق منه، مع عبادته العظيمة، حتى أمر النبي صلى الله عليه وسلم بقتالهم، فليعلم أن المنتسب إلى الإسلام في هذه الأزمان، قد يمرق من الإسلام.


١ سورة التوبة آية: ٧٤.
٢ سورة التوبة آية: ٦٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>