بلادهم ظلما وعدوانا، ورأوا أنهم لا يدفعونهم إلا باستنجاد الفرنج، وعلموا أن الفرنج لا يوافقونهم، إلا أن يقولوا نحن معكم على دينكم ودنياكم، ودينكم هو الحق، ودين السلطان هو الباطل، وتظاهروا بذلك ليلا ونهارا، مع أنهم لم يدخلوا في دين الفرنج، ولم يتركوا الإسلام بالفعل،
لكن لما تظاهروا بما ذكرنا، ومرادهم دفع الظلم عنهم، هل يشك أحد أنهم مرتدون، في أكبر ما يكون من الكفر والردة؟ إذا صرحوا أن دين السلطان هو الباطل، مع علمهم أنه حق، وصرحوا أن دين الفرنج هو الصواب، وأنه لا يتصور أنهم لا يتيهون، لأنهم أكثر من المسلمين، ولأن الله أعطاهم من الدنيا شيئا كثيرا، ولأنهم أهل الزهد والرهبانية.
فتأمل هذا تأملا جيدا، وتأمل ما صدرتم به الأوراق، من موافقتهم فيما ينقض به الإسلام، ومعرفتكم بالناقض؛ فإذا تحققتموه وأنه يكون بكلمة، ولو لم تعتقد، ويكون بفعل ولو لم يتكلم، ويكون في القلب من الحب والبغض ولو لم يتكلم ولم يعمل، تبين لك الأمر، اللهم إلا إن كنتم ذاكرين في أول الأوراق، وأنتم تعتقدون خلافه، فذاك أمر آخر.
وأما ما ذكرتم من كلام العلماء، فعلى الرأس والعين، ولكن عنه جوابان أحدهما: أنكم لو لم تنقلوا