للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هم عليه من الكفر والشرك، ويظهر لهم كفرهم وعداوتهم، ولا يفتنونه عن دينه، لأجل عشيرته أو ماله، أو غير ذلك، فهذا لا يحكم بكفره.

ولكنه إذا قدر على الهجرة ولم يهاجر، ومات بين أظهر المشركين، فيخاف عليه أن يكون قد دخل في أهل هذه الآية: {إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيراً} ١ الآية؛ فلم يعذر الله إلا من لم يستطع حيلة ولا يهتدي سبيلا؛ ولكن قل أن يوجد اليوم من هو كذلك، إلا أن يشاء الله; بل الغالب: أن المشركين لا يدعونه بين أظهرهم، بل إما قتلوه، وإما أخرجوه إن وجدوا إلى ذلك سبيلا.

وأما إن لم يكن له عذر، وجلس بين أظهرهم، وأظهر لهم أنه منهم، وأن دينهم حق، ودين الإسلام باطل، فهذا كافر مرتد، ولو عرف الدين بقلبه، لأنه يمنعه عن الهجرة محبة الدنيا على الآخرة، ويتكلم بكلام الكفر من غير إكراه، فدخل في قوله تعالى: {وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْراً فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اسْتَحَبُّوا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلَى الْآخِرَةِ وَأَنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ} ٢.


١ سورة النساء آية: ٩٧.
٢ سورة النحل آية: ١٠٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>