للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يدعونهم من الموتى والغائبين؛ ولا أحد من الصحابة استغاث بالنبي صلى الله عليه وسلم بعد موته، ولا بغيره من الأنبياء، لا عند قبورهم، ولا إذا بعدوا عنها، ولا كانوا يقصدون الدعاء عند قبور الأنبياء، ولا الصلاة عندها.

ولما قحط الناس في زمان عمر بن الخطاب، استسقى بالعباس، وتوسل بدعائه، وقال: (اللهم إنا كنا نتوسل إذا أجدبنا بنبينا، فتسقينا، وإنا نتوسل إليك بعم نبينا فاسقنا) ، فيسقون، كما ثبت ذلك في صحيح البخاري، وكذلك معاوية رضي الله عنه لما استسقى بأهل الشام، توسل بيزيد بن الأسود الجرشي؛ فهذا الذي ذكره عمر رضي الله عنه توسل منهم بدعاء النبي صلى الله عليه وسلم وشفاعته في حياته، ولهذا توسلوا بعده بدعاء العباس، ودعاء يزيد بن الأسود، وهذا هو الذي ذكره الفقهاء في كتاب الاستسقاء، فقالوا: يستحب أن يستسقي بالصالحين، وإذا كانوا من أقارب رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو أفضل.

وقد كره العلماء، كمالك وغيره: أن يقوم الرجل عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم يدعو لنفسه، وذكروا أن هذا من البدع، التي لم يفعلها السلف; وقد قال تعالى. {قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ فَلا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ وَلا تَحْوِيلاً أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ} ١، قال: عيسى ابن مريم، وعزير،


١ سورة آية: ٥٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>