للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الآية، كما تتناول من دعا الملائكة والجن؛ ومعلوم أن هؤلاء كلهم وسائط، فيما يقدره الله بأفعالهم، ومع هذا فقد نهى الله تعالى عن دعائهم، وبين أنهم لا يملكون كشف الضر عن الداعين، ولا تحويلا، لا يرفعونه بالكلية، ولا يحولونه من موضع إلى موضع، كتغيير صفته أو قدره، ولهذا قال: {وَلَا تَحْوِيلًا} ، فذكر نكرة تعم أنواع التحويل.

فكل من دعا ميتا، أو غائبا، من الأنبياء والصالحين، أو دعا الملائكة، أو دعا الجن، فقد دعا من لا يغيث، ولا يملك كشف الضر عنه، ولا تحويلا; وقد قال تعالى: {وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الْأِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقاً} ١؛ وقد نص الأئمة أحمد وغيره، على أنه لا يجوز الاستغاثة بمخلوق، وهذا مما استدلوا به على أن كلام الله غير مخلوق، قالوا: لأنه ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه استعاذ بكلمات الله، وأمر بذلك؛ ولهذا نهى العلماء عن التعازيم، والتعاويذ التي لا يعرف معناها، خشية أن يكون فيها شرك.

ومما يبين حكمة الشريعة، وعظم قدرها، وأنها كما قيل: كسفينة نوح، من ركبها نجا، ومن تخلف عنها غرق، أن الذين خرجوا عن المشروع، زين لهم الشيطان أعمالهم، حتى خرجوا إلى الشرك، وطائفة من هؤلاء، يصلون إلى الميت، ويستدبر أحدهم القبلة، ويسجد للقبر;


١ سورة الجن آية: ٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>