للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويحصل له من الرقة والتواضع، والعبودية، وحضور القلب، ما لا يحصل له مثله في الصلوات الخمس، والجمعة، وقيام الليل، وقراءة القرآن؛ فهل هذا إلا من حال المشركين المبتدعين، لا الموحدين المخلصين، المتبعين لكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.

ومثل هذا أنه إذا سمع أحدهم سماع الأبيات، يحصل له من الحضور، والخشوع، والبكاء، ما لا يحصل له مثله عند سماع آيات الله؛ فيخشع عند سماع المشركين المبتدعين، ولا يخشع عند سماع المتقين المخلصين؛ بل إذا سمعوا آيات الله اشتغلوا عنها، وكرهوها، واستهزؤوا بها، وبمن يقرؤها، ما يحصل لهم به أعظم نصيب، من قوله تعالى: {قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ} ١.

وإذا سمعوا القرآن، سمعوه بقلوب لاهية وألسن لاغية، كأنهم صم وعمي، وإذا سمعوا الأبيات، حضرت قلوبهم، وسكنت حركاتهم، حتى لا يشوب العطشان منهم ماء.

ومن هؤلاء من إذا كانوا في سماعهم، فأذن المؤذن، قالوا: نحن في شيء أفضل مما دعانا إليه. ومنهم من يقول: كنا في الحضرة، فإذا قمنا إلى الصلاة صرنا إلى الباب.

وقد سألني بعضهم عمن قال ذلك من هؤلاء الشيوخ


١ سورة التوبة آية: ٦٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>