وعن عبد الله بن مسعود، قال: (نزلت إلى نفر من العرب كانوا يعبدون نفرا من الجن، فأسلم الجنيون، والإنس الذين كانوا يعبدونهم لا يشعرون بإسلامهم، فنَزلت هذه الآية"، ثبت ذلك عنه في صحيح البخاري، ذكره في كتاب التفسير.
وهذه الأقوال في معنى الآية كلها حق، فإن الآية تعم كل من كان معبوده عابدا الله، سواء كان من الملائكة، أو من الجن، أو من البشر؛ فالآية خطاب لكل من دعا من دون الله مدعوا، وذلك المدعو يبتغي إلى الله الوسيلة، ويرجو رحمته، ويخاف عذابه؛ فكل من دعا ميتا، أو غائبا من الأنبياء والصالحين، فقد تناولته هذه الآية.
ومعلوم: أن المشركين يسألون الصالحين، بمعنى أنهم وسائط بينهم وبين الله، ومع هذا فقد نهى الله عن دعائهم، وبين أنهم لا يملكون كشف الضر عن الداعي، ولا تحويله، لا يرفعونه بالكلية، ولا يحولونه من موضع إلى موضع، كتغيير صفته، أو قدره، ولهذا قال:{ولا تحويلا} ، فذكر نكرة تعم أنواع التحويل.
فكل من دعا ميتا من الأنبياء والصالحين، أو دعا الملائكة أو الجن، فقد دعا من لا يغيثه، ولا يملك كشف الضر عنه، ولا تحويله.