للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهؤلاء المشركون اليوم، منهم من إذا نزلت به شدة، لا يدعو إلا شيخه، ولا يذكر إلا اسمه، قد لهج به كما يلهج الصبي بذكر أمه، فإذا تعس أحدهم، قال: يا ابن عباس، أو يا محجوب. ومنهم من يحلف بالله ويكذب، ويحلف بابن عباس أو غيره فيصدق ولا يكذب، فيكون المخلوق في صدره أعظم من الخالق، وإذا كان دعاء الموتى يتضمن هذا الاستهزاء بالدين، وهذه المحادة لرب العالمين، فأي الفرقين أحق بالاستهزاء، والمحادة لله؟ من كان يدعو الموتى ويستغيث بهم، أو يأمر بذلك؟ أو من كان لا يدعو إلا الله وحده لا شريك له، كما أمرت به رسله، ويوجب طاعة الرسول، ومتابعته في كل ما جاء به؟

ونحن- بحمد الله- من أعظم الناس إيجابا لرعاية الرسول صلى الله عليه وسلم تصديقا له فيما أخبر، وطاعة له فيما أمر، واعتناء بمعرفة ما بعث به، واتباع ذلك دون ما خالفه، عملا بقوله تعالى: {اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ قَلِيلاً مَا تَذَكَّرُونَ} ١، وقوله تعالى: {وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} ٢.

ومعنا- ولله الحمد- أصلان عظيمان: أحدهما: أن لا نعبد إلا الله، فلا ندعو إلا هو، ولا نذبح النسك إلا لوجهه، ولا نرجو إلا هو، ولا نتوكل إلا عليه. والأصل


١ سورة الأعراف آية: ٣.
٢ سورة الأنعام آية: ١٥٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>