للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وابن ماجه.

فأسعد الناس بشفاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم: أهل التوحيد، الذين جردوا التوحيد، وأخلصوه من التعلقات الشركية، وهم الذين ارتضى الله سبحانه، قال تعالى: {وَلا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى} ١، وقال تعالى: {يَوْمَئِذٍ لا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلاً} ٢؛ فأخبر سبحانه: أنه لا يحصل يومئذ شفاعة تنفع، إلا بعد رضاه قول المشفوع له، وإذنه للشافع؛ فأما المشرك فإنه لا يرتضيه، ولا يرضى قوله، فلا يأذن للشفعاء أن يشفعوا فيه؛ فإنه سبحانه علقها بأمرين: رضاه عن المشفوع له، وإذنه للشافع؛ فما لم يوجد مجموع الأمرين، لم توجد الشفاعة.

وهذه الشفاعة في الحقيقة هي منه سبحانه، فإنه الذي أذن، والذي قبل، والذي رضي عن المشفوع له، والذي وفقه لفعل ما يستحق به الشفاعة؛ فالرب تبارك وتعالى: هو الذي يتفضل على أهل الإخلاص، فيغفر لهم بواسطة دعاء من أذن له أن يشفع، ليكرمه. فالشفاعة التي نفاها القرآن: ما كان فيها شرك، ولهذا أثبتها الله سبحانه بإذنه، في مواضع من كتابه؛ وبين النبي صلى الله عليه وسلم أنها لا تكون إلا لأهل التوحيد، كما تقدم من حديث أبي هريرة، وعوف بن


١ سورة الأنبياء آية: ٢٨.
٢ سورة طه آية: ١٠٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>