للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومعلوم: أن أعلى الخلق وأفضلهم وأكرمهم عند الله: الرسل، والملائكة المقربون، وهم عبيد محض، لا يسبقونه بالقول، ولا يتقدمون بين يديه، ولا يفعلون شيئا إلا بعد إذنه لهم وأمره، فيأذن سبحانه لمن يشاء أن يشفع فيه؛ فصارت الشفاعة في الحقيقة إنما هي له تعالى، والذي شفع عنده إنما شفع بإذنه له، وأمره بعد شفاعته سبحانه إلى نفسه، وهي إرادته أن يرحم عبيده.

وهذا ضد الشفاعة الشركية، التي أثبتها المشركون ومن وافقهم، وهي التي أبطلها سبحانه في كتابه العزيز، بقوله تعالى: {وَاتَّقُوا يَوْماً لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئاً وَلا يُقْبَلُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلا تَنْفَعُهَا شَفَاعَةٌ} ١، وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا بَيْعٌ فِيهِ وَلا خُلَّةٌ وَلا شَفَاعَةٌ} ٢.

ولهذا كان أسعد الناس بشفاعة سيد الشفعاء يوم القيامة: أهل التوحيد، كما صرحت بذلك النصوص، فروى البخاري عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "أسعد الناس بشفاعتي يوم القيامة، من قال لا إله إلا الله خالصا من قلبه " ٣،وعن عوف بن مالك، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أتاني آت من عند ربي، فخيرني بين أن يدخل نصف أمتي الجنة، وبين الشفاعة، فاخترت الشفاعة، وهي لمن مات لا يشرك بالله شيئا " ٤، رواه الترمذي


١ سورة البقرة آية: ١٢٣.
٢ سورة البقرة آية: ٢٥٤.
٣ البخاري: العلم (٩٩) , وأحمد (٢/٣٧٣) .
٤ الترمذي: صفة القيامة والرقائق والورع (٢٤٤١) , وابن ماجه: الزهد (٤٣١٧) .

<<  <  ج: ص:  >  >>