للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإنه محتاج إلى الزوجة والولد، حتى لو أعرض عنه ولده وزوجته لتضرر بذلك، ويقبل شفاعة مملوكه، فإنه إذا لم يقبل شفاعته، يخاف أن لا يطيعه، ويقبل شفاعة أخيه، مخافة أن يسعى في ضرره، وشفاعة العباد بعضهم عند بعض، كلها من هذا الجنس، فلا يقبل أحد شفاعة أحد، إلا لرغبة أو لرهبة؛ والله تعالى لا يرجو أحدا، ولا يخافه ولا يحتاج إلى أحد; بل هو الغني سبحانه عما سواه، وكل ما سواه فقير إليه.

والمشركون يتخذون شفعاء، من جنس ما يعهدونه عند المخلوق، قال تعالى: {وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لا يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلا فِي الْأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} ١، وقال تعالى: {قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ فَلا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ وَلا تَحْوِيلاً?أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ} ٢.

فأخبر سبحانه: أن ما يدعى من دونه، لا يملك كشف الضر عن الداعي، ولا تحويله، وأنهم يرجون رحمته، ويخافون عذابه، ويتقربون إلى الله؛ فقد نفى سبحانه ما أثبتوه، من توسط الملائكة، والأنبياء. وفيما ذكرنا كفاية


١ سورة يونس آية: ١٨.
٢ سورة آية: ٥٦-٥٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>