للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وظاهر كلامه: أنه سواء كان متأولا أم لا، وقد صرح طائفة من العلماء: أنه إذا قال ذلك متأولا، لا يكفر، ونقل ابن حجر الهيتمي عن طائفة من الشافعية، أنهم صرحوا بكفره إذا لم يتأول، فنقل عن المتولي أنه قال: إذا قال لمسلم: يا كافر، بلا تأويل كفر; قال: وتبعه على ذلك جماعة. واحتجوا بقوله صلى الله عليه وسلم: " إذا قال الرجل لأخيه يا كافر، فقد باء بها أحدهما " ١، والذي رماه به مسلم، فيكون هو كافرا، قالوا: لأنه سمى الإسلام كفرا؛ وتعقب بعضهم هذا التعليل، وهو قولهم: إنه سمى الإسلام كفرا، فقال: هذا المعنى لا يفهم من لفظه، ولا هو مراده، إنما مراده ومعنى لفظه: إنك لست على دين الإسلام، الذي هو حق، وإنما أنت كافر، دينك غير الإسلام، وأنا على دين الإسلام، وهذا مراده بلا شك.

لأنه إنما وصف بالكفر الشخص، لا دين الإسلام، فنفى عنه كونه على دين الإسلام، فلا يكفر بهذا القول، وإنما يعزر بهذا السب الفاحش، بما يليق به؛ ويلزم على ما قالوه أن من قال لعابد: يا فاسق، كفر، لأنه سمى العبادة فسقا، ولا أحسب أحدا يقوله، وإنما يريد: إنك تفسق، وتفعل مع عبادتك ما هو فسق، لا أن عبادتك فسق، انتهى.

وظاهر كلام النووي في شرح مسلم، يوافق ذلك،


١ البخاري: الأدب (٦١٠٣) .

<<  <  ج: ص:  >  >>