فإنه لما ذكر الحديث، قال: وهذا مما عده العلماء من المشكلات، فإن مذهب أهل الحق: أن المسلم لا يكفر بالمعاصي، كالقتل والزنى، وكذا قوله لأخيه: يا كافر من غير اعتقاد بطلان دين الإسلام.
ثم حكى في تأويل الحديث وجوها: أحدها: أنه محمول على المستحل، ومعنى (باء بها) أي بكلمة الكفر، وكذا (حارت عليه) في رواية، أي: رجعت عليه كلمة الكفر، فباء وحار ورجع بمعنى. الثاني: رجعت عليه نقيصته لأخيه ومعصية تكفيره. الثالث: أنه محمول على الخوارج، المكفرين للمؤمنين; وهذا نقله القاضي عياض عن مالك، وهو ضعيف، لأن المذهب الصحيح المختار، الذي قاله الأكثرون، والمحققون: إن الخوارج لا يكفّرون، كسائر أهل البدع. الرابع: معناه: أنه يؤول إلى الكفر، فإن المعاصي كما قالوا: بريد الكفر، ويخاف على المكثر منها، أن يكون عاقبة شؤمها المصير إلى الكفر، ويؤيده رواية أبي عوانة، في مستخرجه على مسلم:"فإن كان كما قال، وإلا فقد باء بالكفر". الخامس: فقد رجع بكفره، وليس الراجع حقيقة الكفر، بل التكفير، كونه جعل أخاه المؤمن كافرا، فكأنه