للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كفر بنفسه، إما لأنه كفر من هو مثله، وإما لأنه كفر من لا يكفره إلا كافر، يعتقد بطلان الإسلام، انتهى.

وقال ابن دقيق العيد، في قوله: صلى الله عليه وسلم " ومن دعا رجلا بالكفر، وليس كذلك، إلا حار عليه " ١ أي: رجع عليه; وهذا وعيد عظيم لمن كفر أحدا من المسلمين، وليس هو كذلك؛ وهي ورطة عظيمة، وقع فيها خلق من العلماء، اختلفوا في العقائد، وحكموا بكفر بعضهم بعضا.

ثم نقل عن الأستاذ أبي إسحاق الإسفراييني، أنه قال: لا أكفر إلا من كفرني; قال: وربما خفي هذا القول على بعض الناس، وحمله على غير محمله الصحيح؛ والذي ينبغي أن يحمل عليه، أنه لمح هذا الحديث الذي يقتضي: أن من دعا رجلا بالكفر وليس كذلك، رجع عليه الكفر; وكذلك قوله صلى الله عليه وسلم: " من قال لأخيه: يا كافر، فقد باء بها أحدهما " ٢.

وكان هذا المتكلم، أي: أبو إسحاق، يقول: الحديث دل على أنه يحصل الكفر لأحد الشخصين، إما المكفر أو المكفر، فإذا كفرني بعض الناس، فالكفر واقع بأحدنا، وأنا قاطع أني لست بكافر، فالكفر راجع إليه، انتهى.

فظاهر كلام أبي إسحاق: أنه لا فرق بين المتأول


١ مسلم: الإيمان (٦١) , وأحمد (٥/١٦٦) .
٢ البخاري: الأدب (٦١٠٤) , ومسلم: الإيمان (٦٠) , والترمذي: الإيمان (٢٦٣٧) , وأبو داود: السنة (٤٦٨٧) , وأحمد (٢/١١٢) , ومالك: الجامع (١٨٤٤) .

<<  <  ج: ص:  >  >>