وقال ابن القيم في "الهدي" في فوائد غزوة الطائف: ومنها: أنه لا يجوز إبقاء مواضع الشرك والطواغيت، بعد القدرة على هدمها وإبطالها يوما واحدا؛ فإنها شعائر الكفر والشرك، ولا يجوز الإقرار عليها بعد القدرة عليها البتة. قال: وهكذا حكم المشاهد التي بنيت على القبور، التي اتخذت أوثانا وطواغيت تعبد من دون الله، وكذا الأحجار التي تقصد بالتعظيم والتبرك، والنذر والتقبيل، فلا يجوز إبقاء شيء منها على وجه الأرض، مع القدرة على إزالتها; وكثير منها بمنزلة اللات، والعزى، ومناة الثالثة الأخرى، بل أعظم شركا عندها وبها؛ والله المستعان.
ولم يكن أحد من أرباب هذه الطواغيت، يعتقد أنها تخلق وترزق، وتحيي وتميت، وإنما كانوا يفعلون عندها وبها، ما يفعله إخوانهم من المشركين اليوم عند طواغيتهم؛ اتبع هؤلاء سنن من كان قبلهم، وسلكوا سبيلهم، حذو القذة بالقذة، وأخذوا مأخذهم، شبرا بشبر وذراعا بذراع، وغلب الشرك على أكثر النفوس، لظهور الجهل وخفاء العلم.
وصار المعروف منكرا، والمنكر معروفا، والسنة بدعة، والبدعة سنة، نشأ في ذلك الصغير، وهرم عليه الكبير، وطمست الأعلام، واشتدت غربة الإسلام، وقل