للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العلماء، وغلب السفهاء، وتفاقم الأمر، واشتد البأس، وظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس؛ ولكن لا تزال طائفة من العصابة المحمدية، بالحق قائمين، ولأهل الشرك والبدع مجاهدين، إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، وهو خير الوارثين، انتهى. فانظر قوله في المشاهد التي بنيت على القبور، كونها اتخذت أوثانا وطواغيت، وربما ينفر قلب الجاهل من تسمية قبر نبي، أو رجل صالح وثنا، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: " اللهم لا تجعل قبري وثنا يعبد " ١؛ فهذا الحديث ينبئ أنه لو قصد قبر النبي صلى الله عليه وسلم بعبادة له، كان قاصده بذلك قد اتخذه وثنا، فكيف بغيره من القبور؟.

وقوله رحمه الله: وكثير منها بمنْزلة اللات، والعزى، ومناة الثالثة الأخرى، بل أعظم شركا عندها وبها; صدق رحمه الله، لما شاهدنا في هذه الأزمنة من الغلو والشرك العظيم، من كون كثير من الغلاة عند الشدائد في البر والبحر، يخلصون الدعاء لمعبوديهم، وكثير منهم ينسون الله عند الشدائد، كما هو مستفيض عند الخاصة والعامة.

وقد أخبر الله عن المشركين الأولين أنهم يخلصون الدعاء له سبحانه وتعالى، وينسون آلهتهم، ونصوص القرآن في ذلك كثيرة، كما قال تعالى: {فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} ٢، {وَإِذَا


١ أحمد (٢/٢٤٦) .
٢ سورة العنكبوت آية: ٦٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>