للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التوحيد والرسالة.

فإذا عرف أن الشرك عبادة غير الله، وعرف معنى العبادة، وأنها كل قول وعمل يحبه الله ويرضاه، ومن أعظم ذلك الدعاء، لأنه مخ العبادة، وعلم ما يفعل عند القبور، من دعاء أصحابها بسؤالهم قضاء الحاجات، وتفريج الكربات، والتقرب إليهم بالنذور والذبائح، عرف أن هذا هو الشرك الأكبر، الذي هو عبادة غير الله تعالى; فإذا تحقق الإنسان ذلك، عرف الحق، ولم يبال بمخالفة أكثر الناس، ويعتقد أن الأمة لا تجتمع على ذلك، لأنه ضلالة.

فإن قال هذا المجادل: إن هذه الأفعال التي تفعل عند القبور، وعلى القبور، جائزة شرعا، فهو محاد لله ولرسوله; وإن قال: هذه الأمور لا تجوز، لكنها ليست شركا، مع دعواه أن علماء الزمان أجمعوا على ذلك، فيلزمه أن الأمة أجمعت على ضلالة; والإنسان إذا تبين له الحق، لم يستوحش من قلة الموافقين، وكثرة المخالفين، لا سيما في آخر هذا الزمان.

وقول الجاهل: لو كان هذا حقا ما خفي على فلان وفلان، هذه دعوى الكفار، في قولهم: {لَوْ كَانَ خَيْراً مَا سَبَقُونَا إِلَيْهِ} ١، {أَهَؤُلاءِ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْنِنَا} ٢؛ وقد قال علي رضي الله عنه:"اعرف الحق تعرف أهله". وأما الذي في حيرة ولبس، فكل شهبة


١ سورة الأحقاف آية: ١١.
٢ سورة الأنعام آية: ٥٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>