للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفقهاء، وضعهم "باب حكم المرتد" إذا لم يكن إلا الإسلام المحض، فيلزم تخطئتهم، بأن نقول: لا كفر ولا نفاق، بعد القرون الأُوَل الأفاضل.

وأما احتجاج بعضهم بقول عمر رضي الله عنه:"إن الناس كانوا يؤاخذون بالوحي على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم" ... إلخ، فأي حجة له في هذا، على نفي الكفر والنفاق عن الأمة؟ وإنما هذا مثل قوله صلى الله عليه وسلم فيمن أتى بشرائع الإسلام، حيث قال: " وحسابهم على الله تعالى " ١.

ومراد عمر رضي الله عنه أن من رأينا عمله حسنا، ولم نر منه ما يعاب، أمناه وقربناه، وحسابه في سريرته إلى الله، ومن رأينا منه ما يكرهه الله، من المعاصي، كشرب الخمر، وشهادة الزور، والكذب، والنميمة، والغيبة، وغير ذلك من الذنوب، أو إخلال في فرض، لم نأمنه ولم نقربه، وإن قال سريرته حسنة.

فقوله: من أظهر لنا سوءا، أي: من اطلعنا منه على ذلك، وعلمناه، ليس مراده أنه يظهر ذلك ويجاهر به، كما يقول العلماء في الشاهد، إذا علم منه ما يقدح في شهادته ردت شهادته، وإن كان لا يظهر إلا الخير.

وكذا إذا رأينا من ظاهره الخير، لكن رأيناه يألف الفسقة، أو أهل البدع والضلال، قلنا هذه خصلة سوء يتهم


١ البخاري: الإيمان (٢٥) , ومسلم: الإيمان (٢٢) .

<<  <  ج: ص:  >  >>