بها، وإن قال سريرته حسنة، نقل أبو داود، عن الإمام أحمد رحمه الله، في الرجل يمشي مع المبتدع، لا تكلمه; ونقل غيره إذا سلم على المبتدع فهو يحبه.
وقال أحمد رحمه الله: إنما هجر النبي صلى الله عليه وسلم الثلاثة، لأنه اتهمهم بالنفاق، فكذلك كل من خفنا عليه، وهذا الذي ينكر وجود النفاق، سببه: عدم معرفة الإسلام وضده; وحقيقة النفاق: إظهار الخير وإسرار ضده.
فإذا كان إنسان عند أهل السنة، يظهر بطلان مذهب الاتحادية، والحلولية ونحوهم، وهو يعتقد في الباطن صحة بعض هذه المذاهب، فهو منافق نفاقا أكبر؛ وكذا إذا أظهر تضليل غلاة الرافضة، وهو في الباطن يرى رأيهم، فهو منافق؛ وكذا من اعترف بصحة هذا الأمر، الذي ندعو إليه، وهو التوحيد وإفراد الله بالعبادة، يعترف به ظاهرا، ويبطن خلافه، فهو منافق نفاقا أكبر.
وأما قول حذيفة، فهو كما روي عنه من وجه آخر، أنه قال:(المنافقون على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يخفون نفاقهم، وهم اليوم يظهرونه) ، ومراد حذيفة: أنهم في زمانه تبدو منهم أمارات ظاهرة، بخلاف حالهم زمن النبوة; وقال:(إن كان الرجل ليتكلم بالكلمة، على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، يصير بها منافقا، وإني لأسمعها من أحدكم في اليوم، أو المجلس، عشر مرات) .