للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"وسمع حذيفة رجلا يقول: اللهم أهلك المنافقين; فقال: يا ابن أخي، لو هلك المنافقون لاستوحشتم في طرقاتكم، من قلة السالكين".

وهذا النافي للنفاق عن جميع الأمة، قائل بغير علم، كاذب، وما يدريه أنه ليس في الأمة حاضرها وباديها منافق، لأن من أظهر الإسلام وهو يشك في البعث بعد الموت، أو في رسالة محمد صلى الله عليه وسلم فهو منافق نفاقا أكبر؛ وهل اطلع هذا المتخرص على قلوب الأمة، شرقا وغربا؟ وهل يأمن على نفسه من النفاق، بأن يزيغ قلبه إذا زاغ عن الحق؟ {فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ} ١.

وقد أثنى الله سبحانه على الراسخين في العلم، بسؤالهم إياه أن لا يزيغ قلوبهم، في قولهم: {رَبَّنَا لا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ} ٢؛ ومن دعاء النبي صلى الله عليه وسلم: " يا مقلب القلوب، ثبت قلبي على دينك. فقيل له: أوتخاف عليك؟ قال: نعم، ما من قلب إلا وهو بين أصبعين من أصابع الرحمن، إذا شاء أن يقيمه أقامه، وإذا شاء أن يزيغه أزاغه " ٣.

ومن دعائه صلى الله عليه وسلم عند الانتباه من النوم: " ولا تزغ قلبي بعد إذ هديتني ".٤ قيل للإمام أحمد: ما تقول فيمن لا يخاف


١ سورة الصف آية: ٥.
٢ سورة آل عمران آية: ٨.
٣ الترمذي: الدعوات (٣٥٢٢) , وأحمد (٦/٢٩٤ ,٦/٣٠١ ,٦/٣١٥) .
٤ أبو داود: الأدب (٥٠٦١) .

<<  <  ج: ص:  >  >>