النفاق على نفسه؟ فقال: ومن يأمن على نفسه النفاق؟ وروي عن الحسن: أنه: (حلف ما مضى مؤمن قط أو بقي، إلا وهو من النفاق خائف، ولا مضى منافق قط، ولا بقي إلا وهو من النفاق آمن"؛ وكلام السلف في هذا كثير.
ويكفي في بطلان قول هذا إثباته الكفر والنفاق، في أفضل قرون الأمة، ونفي ذلك عن القرون التي وصفها صلى الله عليه وسلم بأنها شر إلى يوم القيامة; ويفضح شبهة هذا، وشبهة من قال إنه يستحيل وجود الكفر في أرض العرب: ما ثبت في صحيح مسلم، من حديث أنس، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ليس من بلد إلا سيطوله الدجال إلا مكة والمدينة، وما من نقب من أنقابهما إلا وعليه الملائكة حافين تحرسهما، فينْزل السبخة، فترجف المدينة ثلاث رجفات، يخرج الله تعالى منها كل كافر ومنافق"
فأخبر صلى الله عليه وسلم أن في المدينة إذ ذاك كفارا ومنافقين، موجودين قبل خروج الدجال، فإذا كان هذا حال المدينة، فغيرها أولى وأحرى، والله أعلم.
[من كفر مسلما]
وسئل: عما يروى: "من كفر مسلما فقد كفر"؟
فأجاب: لا أصل لهذا اللفظ فيما نعلم عن النبي صلى الله عليه وسلم، وإنما الحديث المعروف: " من قال لأخيه: يا كافر، فقد باء بها أحدهما " ١، ومن كفر إنسانا أو فسقه، أو نفقه متأولا غضبًا لله تعالى، فيرجى العفو عنه، كما قال عمر رضي الله
١ البخاري: الأدب (٦١٠٤) , ومسلم: الإيمان (٦٠) , والترمذي: الإيمان (٢٦٣٧) , وأبو داود: السنة (٤٦٨٧) , وأحمد (٢/١١٢) , ومالك: الجامع (١٨٤٤) .