عَاصِفٌ وَجَاءَهُمُ الْمَوْجُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} [سورة يونس آية: ٢٢] وقال تعالى: {فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ}[سورة العنكبوت آية: ٦٥] فأخبر سبحانه أنهم عند الاضطرار يدعونه وحده لا شريك له، مخلصين له في تلك الحالات، لا يستغيثون بغيره، فلما نجاهم من تلك الشدة، إذا هم يشركون في دعائهم; ولهذا قال:{وَإِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلَّا إِيَّاهُ فَلَمَّا نَجَّاكُمْ إِلَى الْبَرِّ أَعْرَضْتُمْ}[سورة الإسراء آية: ٦٧] أي: أنه سبحانه لما نجاكم إلى البر أعرضتم، أي: نسيتم ما عرفتم من توحيده، وأعرضتم عن دعائه وحده لا شريك له.
وقال تعالى:{فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ}[سورة غافر آية: ١٤] وقال تعالى: {الْحَيُّ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ}[سورة غافر آية: ٦٥] فالدعاء من أفضل العبادات، وأجل الطاعات، ولهذا أخبر أنه الدين، فذكره معرفا بالألف واللام، وأخبر أن المشركين يخلصون له في الشدائد، وأنهم في الرخاء يشركون معه غيره، فيدعون من لا ينفعهم ولا يضرهم ولا يسمع دعاءهم؛ فصاروا بذلك كافرين.
ومن تأمل أدلة الكتاب والسنة، علم أن شرك المشركين الذين كفرهم النبي صلى الله عليه وسلم إنما هو في الدعاء والذبح والنذر، والتوكل والالتجاء ونحو ذلك.