للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن جادل مجادل، وزعم أنه ليس هذا، قيل له: فأخبرنا عما كانوا يفعلون عند آلهتهم؟ وما الذي يريدون؟ وما هذا الشرك الذي حكاه الله عنهم؟ فإن قال: شركهم عبادة غير الله، قيل له: وما معنى عبادتهم لغير الله؟ أتظن أنهم يعترفون أن تلك الأخشاب والأحجار، تخلق وترزق وتدبر أمر من دعاها؟ فهذا يكذبه القرآن; لأن الله أخبر عنهم: أنهم مقرون بذلك لله وحده.

فإن قال: إنهم يريدون منهم النفع والضر من دون الله، فهذا يكذبه القرآن أيضا; لأن الله أخبر عنهم: أنهم لم يريدوا إلا التقرب بهم إلى الله، وشفاعتهم عنده، كما قال تعالى حاكيا عنهم: {وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} [سورة الزمر آية: ٣] الآية وقال تعالى: {وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ} [سورة يونس آية: ١٨] الآية.

وأخبر تعالى عن شركهم في غير آية من كتابه، كقوله تعالى: {قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ فَلا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ وَلا تَحْوِيلاً} [سورة الإسراء آية: ٥٦] الآيتين أي: لا يرفعونه بالكلية، ولا يحولونه من حال إلى حال، ثم قال: {أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ} [سورة الإسراء آية: ٥٧] .

قال طائفة من السلف: كان أقوام يدعون المسيح والعزير والملائكة، فبين الله لهم أن هؤلاء عبادي كما أنتم عبادي، يرجون رحمتي، كما ترجون رحمتي، ويخافون عذابي كما

<<  <  ج: ص:  >  >>