هؤلاء عبيدي يرجون رحمتي كما ترجون رحمتي، ويخافون عذابي كما تخافون عذابي؛ وهؤلاء الذين نزلت هذه الآية في إنكار دعوتهم، من أوليائه وأحبابه; وقد تقدم أن الدعاء وجميع أنواع العبادة، حق الله المحض، كما تقدم في الآيات.
والحاصل: أن الله تعالى لم يأذن لأحد أن يتخذ شفيعا من دونه يسأله، ويرغب إليه، ويلتجئ إليه؛ وهذا هو العبادة، ومن صرف من ذلك شيئا لغير الله، فقد أشرك مع الله غيره، كما دلت عليه الآيات المحكمات؛ وهذا ضد إفراد الله بالعبادة. وكيف يتصور إفراد الله بالعبادة، وقد جعل العبد ملاذا ومفزعا سواه؟ فإن هذا ينافي الإفراد; فأين ذهب عقل هذا وفهمه؟
قال شيخ الإسلام رحمه الله: العبادة: اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه، من الأقوال والأعمال، الباطنة والظاهرة، انتهى.
وقد تبين أن الدعاء مخ العبادة، وهو مما يحبه الله ويأمر به عباده أن يخلصوه له; وقد تقدم من الآيات: ما يدل عل ضلال من فعل ضد ذلك وكفره; وبهذا يحصل الجواب عن قول المعترض: إن الشفاعة المنفية إنما هي في حق الكفار ; فنقول: فمن اتخذ معبودا سوى الله، يرجوه أو يخافه، فقد كفر.