للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالجواب: أن يقال: ليس هذا وجه المنع، وإنما وجهه: أنها حكاية مجهولة عن مجهول; وهذا جنس إسناد الأكاذيب; فلو قيل: من هؤلاء العظام؟ وما أسماؤهم؟ وما زمنهم؟ وما طبقتهم؟ لم يدر عنهم; وأخبار المجهولين لا تقبل شهادة، ولا رواية يقظة، فكيف إذا كانت أحلاما؟! والمعترض كثيرا ما يحكي عن هيان بن بيان.

ثم قال المعترض على قول المجيب: وطلب الشفاعة من النبي صلى الله عليه وسلم ممتنع شرعا وعقلا، قال المعترض: من أين هذا الامتناع؟ وما دليله من العقل والسمع؟

فالجواب: أن يقال: معلوم أن دليله من الجهتين، لا تعرفه أنت ومن مثلك، وإنما معرفتك في اللجاج، الذي هو كالعجاج، الذي يحوم في الفجاج; أما دليله من السمع، فقد تقدم في آيات الزمر، ويونس وغيرها، وقد بسطنا القول في ذلك، بما يغني عن إعادته؛ فليرجع إليه.

وأما دليله من العقل، فالعقل الصحيح يقضي ويحكم بما يوافق النقل بأن النجاة والسعادة والفلاح، وأسباب ذلك كله، لا تحصل إلا بالتوجه إلى الله تعالى وحده، وإخلاص الدعاء له، والالتجاء إليه; لأن الخير كله بيده، وهو القادر عليه; وأما المخلوق فليس في يده من هذا شيء، كما قال تعالى: {مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ} [سورة فاطر آية: ١٣] .

<<  <  ج: ص:  >  >>