الشيطانية، التي يحكيها بعضهم عن بعض، كما قال لي بعض علماء مصر: إن شيخا مشى بأصحابه على البحر، فقال: لا تذكروا غيري، وفيهم رجل ذكر الله فسقط في البحر، فأخذ بيده الشيخ، فقال: ألم أقل لكم لا تذكروا غيري؟
فقلت: هذه الحكاية تحتمل أحد أمرين لا ثالث لهما: أحدهما: أن تكون مكذوبة مثل أكاذيب سدنة الأوثان، أو أنها حال شيطانية; وأسألك أيها الحاكي لذلك: أيكون فيها حجة على جواز دعوة غير الله؟ فأقر، وقال: لا حجة فيها على ذلك.
والمقصود بيان أنه ليس عند الغلاة من الحجة على ما زخرفوه، أو كذبوه; وما قال الله، وقال رسوله، فهذا - بحمد الله - كله عليهم لا لهم، وما حرفوه من ذلك، رد إلى صحيح معناه، الذي دل عليه لفظه مطابقة، وتضمنا والتزاما. قال تعالى:{وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوّاً شَيَاطِينَ الْأِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ}[سورة الأنعام آية: ١١٢] .
[الادعاء بأن غير واحد من العلماء رأوا النبي والمنظومة تنشد بين يديه]
وذكر المعترض حكاية يقول - عن غير واحد من العلماء العظام - إنهم رأوا النبي صلى الله عليه وسلم والمنظومة تنشد بين يديه، إلى قوله: لكن الخصم مانع ذلك كله، بقوله: إنهم كفار.