فالجواب: أنه ليس كما قال; بل هي تبعيضية. ثم لو كانت بيانية، فما ينفعه والمحذور بحاله، وهو أنه يعلم ما في اللوح المحفوظ؟
وقد صرح المعترض بذلك، فقال: ولا شك أنه أوتي علم الأولين والآخرين، وعلم ما كان وما يكون.
فالجواب: هذه مصادمة لما هو صريح في كتاب الله، وسنة رسوله بأن الإحاطة بما في اللوح المحفوظ علما، ليس إلا لله وحده؛ كذلك علم الأولين والآخرين، ليس إلا لله وحده، إلا ما أطلع الله عليه نبيه في كتابه، كما قال الله تعالى:{وَلا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ}[سورة البقرة آية: ٢٥٥] .
فالرجل في عمى عن قول الله تعالى:{بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ}[سورة البقرة آية: ٢٥٥] . وقال تعالى:{الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاَطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْماً}[سورة الطلاق آية: ١٢] ، وقد تقدم لهذه الآيات نظائر؛ فإحاطة العلم بالموجودات، والمعدومات التي وجدت، أو ستوجد، لله وحده؛ لم يجعل ذلك لأحد سواه.
وقال تعالى:{يَسْأَلونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي لا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلَّا هُوَ}