فأسند علم وقت الساعة إلى ربه بأمره، كقوله تعالى:{يَسْأَلونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَارضي الله عنهفِيمَ أَنْتَ مِنْ ذِكْرَاهَا إِلَى رَبِّكَ مُنْتَهَاهَا}[سورة النازعات آية: ٤٢-٤٣-٤٤] . وأمثال هذه الآيات، مما يدل على أن الله تعالى اختص بعلم الغيب كله، إلا ما استثناه بقوله:{وَلا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ}[سورة البقرة آية: ٢٥٥] ، ومن تبعيضية هاهنا بلا نزاع.
وقد قال الخضر لموسى عليهما السلام:" ما نقص علمي وعلمك في علم الله، إلا كما نقص هذا العصفور من هذا البحر " ١، فتأمل هذا وتدبر.
وأما قول المعترض، وتأويله، لقوله تعالى:{قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ}[سورة النمل آية: ٦٥] ؛ فتأويل فاسد، ما قاله غيره، ولا يقوله مسلم، من: أنه يعلم الغيب بتعليم الله له; والنفي في الآية أن يعلمه بنفسه بدون أن يعلمه الله ذلك; فما أجرأ هذا الجاهل على هذا التأويل! وما أجهله بالله وبكتابه!
فيقال في الجواب: لا ينفعك هذا التأويل الفاسد، إذ لو كان أحد يعلم جميع الغيب بتعليم الله، لصدق عليه أن يقال: هذا يعلم الغيب كله، الذي يعلمه الله; فما بقي على هذا القصر علم الغيب على الله في هذه الآية معنى، وحصل الاشتراك. نعوذ بالله من الافتراء على الله وعلى كتابة، وخرق ما لم ينزل الله به سلطانا.
١ البخاري: تفسير القرآن (٤٧٢٥) , ومسلم: الفضائل (٢٣٨٠) , والترمذي: تفسير القرآن (٣١٤٩) .