للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فآثاره فيها سوام سوافر ... وأنواره فيها تضيء وتسطع

فهذا المعترض لو تصور وعقل، لتبين له أن ما احتج به ينقلب حجة عليه.

وقول المعترض: وإن كان قد ورد في حق أهل الحرمين، فهذا ظاهر البطلان، إذ هي مهبط الوحي، ومنبع الإيمان; ولو قيل: إن هذا الحديث وأمثاله، ورد في ذم نجد وأهلها، فقد ورد في ذمهم أحاديث كثيرة شهيرة، منها قوله صلى الله عليه وسلم: " لا يزالون في شر من كذابهم إلى يوم القيامة ".

فالجواب: أن نقول: الأحاديث التي وردت في غربة الدين، وحدوث البدع وظهورها، لا تختص بمكة والمدينة، ولا غيرهما من البلاد; والغالب: أن كل بلد لا تخلو من بقايا متمسكين بالسنة; فلا معنى لقوله: وإن كان قد ورد في حق أهل الحرمين، في أواخر عهد الصحابة رضي الله عنهم، بل في وقت الخلفاء الراشدين، ما هو معروف عند أهل العلم، مشهور في السير والتآريخ.

وأول ذلك: مقتل أمير المؤمنين، عثمان بن عفان رضي الله عنه، ثم وقعة الحرة المشهورة، ومقتل ابن الزبير في مكة، وما جرى في خلال ذلك من الفتن؛ وصار الغلبة في الحرمين وغيرها، لأهل الأهواء؛ فإذا كان هذا وقع في خير القرون، فما ظنك فيما بعد، حين اشتدت غربة

<<  <  ج: ص:  >  >>