من التوحيد الذي دلت عليه الآيات المحكمات التي تفوت الحصر، وعصوا رسول الله صلى الله عليه وسلم بارتكاب ما نهى عنه من الغلو والشرك.
فجوزوا أن يدعى مع الله غيره، وقد نهى الله ورسوله عن ذلك، في أكثر سور القرآن، وجوزوا أن يستعان بغير الله؛ ورسوله نهى عن ذلك أشد النهي، وجعلوا لله شريكا في ملكه وربوبيته، كما جعلوا له شريكا في الإلهية.
وجعلوا له شريكا في إحاطة العلم بالمعلومات، كلياتها وجزئياتها؛ وقد قال تعالى، مبينا لما اختص به من شمول علمه:{اللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثَى وَمَا تَغِيضُ الْأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدَارٍعَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ}[سورة الرعد آية: ٨-٩] إلى قوله: {لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لا يَسْتَجِيبُونَ لَهُمْ بِشَيْءٍ}[سورة الرعد آية: ١٤] الآية.
وهذه الأصول كلها في الفاتحة؛ يبين تعالى أنه هو المختص بذلك دون كل من سواه; ففي قوله:{الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}[سورة الفاتحة آية: ٢] اختصاص الله بالحمد، لكماله في ربوبيته، وإلهيته وملكه، وشمول علمه وقدرته، وكماله في ذاته وصفاته، {رَبِّ الْعَالَمِينَ} هو ربهم وخالقهم ورازقهم، ومليكهم والمتصرف فيهم بحكمته، ومشيئته ليس ذلك إلا له.