المأمون، صلى الله عليه، وعلى آله وأصحابه، الذين هم بهديه متمسكون; وسلم تسليما كثيرا.
أما بعد: فإنه ابتلي بعض من استحوذ عليه الشيطان، بعداوة شيخ الإسلام، الشيخ: محمد بن عبد الوهاب، رحمه الله تعالى، ومسبته، وتحذير الناس عنه، وعن مصنفاته، لأجل ما قام بقلوبهم من الغلو في أهل القبور، وما نشؤوا عليه من البدع التي امتلأت بها الصدور; فأردت أن أذكر طرفا من أخباره وأحواله، ليعلم الناظر فيه حقيقة أمره، فلا يروج عليه الباطل، ولا يغتر بحائد عن الحق مائل، مستنده ما ينقله أعداؤه، الذين اشتهرت عداوتهم له في وقته، وبالغوا في مسبته، والتأليب عليه وتهمته، وكثيرا ما يضعون من مقداره، ويغيضون ما رفع الله من مناره، منابذة للحق الأبلج، وزيغا عن سواء المنهج.
والذي يقضي به العجب قلة إنصافهم، وفرط جورهم واعتسافهم، وذلك أنهم لا يجدون زلة من المنتسبين إليه، ولا عثرة إلا نسبوها إليه، وجعلوا عارها راجعا عليه، وهذا من تمام كرامته، وعظم قدره، وإمامته; وقد عرف من جهالهم، واشتهر من أعمالهم أنه ما دعا إلى الله أحد، وأمر بمعروف، ونهى عن منكر، في أي قطر من الأقطار، إلا سموه وهابيا، وكتبوا فيه الرسائل إلى البلدان، بكل قول هائل يحتوي على الزور والبهتان.