للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السماوات والأرض، واستقلوا بشيء من التدبير والتأثير والإيجاد، ولو في خلق ذرة من الذرات، قال تعالى: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلْ أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ قُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ} [سورة الزمر آية: ٣٨] . فهم معترفون بهذا، مقرون به، لا ينازعون فيه، ولذلك حسن موقع الاستفهام، وقامت الحجة بما أقروا به من هذه الجمل، وبطلت عبادة من لا يكشف الضر، ولا يمسك الرحمة; ولا يخفى ما في التنكير من العموم والشمول، المتناول لأقل شيء وأدناه من ضر أو رحمة; قال تعالى: {وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلاَّ وَهُمْ مُشْرِكُونَ} [سورة يوسف آية: ١٠٦] . ذكر فيه السلف كابن عباس، وغيره، أن إيمانهم هنا بما أقروا به من ربوبيته وملكه; وفسر شركهم المذكور، بعبادة غير الله.

قال رحمه الله: فإن قلت: إنهم لم يطلبوا إلا من الأصنام، ونحن ندعو الأنبياء; قلت: قد بين القرآن في غير موضع، أن من المشركين من أشرك بالملائكة، ومنهم من أشرك بالأنبياء والصالحين، ومنهم من أشرك بالكواكب، ومنهم من أشرك بالأصنام، وقد رد الله عليهم جميعهم، وكفر كل أصنافهم، كما قال تعالى: {وَلا يَأْمُرَكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا الْمَلائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْبَاباً أَيَأْمُرُكُمْ بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} [سورة آل عمران آية: ٨٠] ، وقال: {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>