المقام الأول: أن شيخنا شيخ الإسلام، محمد بن عبد الوهاب، رحمه الله تعالى، لما ألهمه الله رشده وفتح بصيرته في تمييز الحق من الضلال، وأنكر ما عليه الناس من الشرك فبادروه بالعداوة والإنكار لمخالفتهم ما قد اعتادوه ونشؤوا عليه هم وأسلافهم من الشرك والبدع; وأعظم من عاداه ونفر الناس من دعوته العلماء والرؤساء، كما قال تعالى:{فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَرِحُوا بِمَا عِنْدَهُمْ مِنَ الْعِلْمِ وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ}[سورة غافر آية: ٨٣] ، وفيه مشابهة لنبينا صلى الله عليه وسلم فيما ناله من الرؤساء، والأحبار في الابتداء; فإن شيخنا رحمه الله تعالى أظهر هذه الدعوة في بلد العيينة - وهي في أعلى وادى حنيفة -، فاستحسن دعوته من استحسنها، وقبلها من قبلها، وأنكرها من أنكرها.
ثم إن أهل الأحساء، لما استصرخوا شيخهم سليمان آل محمد، شيخ بني خالد، وأرسل إلى ابن معمر شيخ العيينة، بأن يقتله، فهاجر إلى الدرعية بلد محمد بن سعود، فتلقاه هو وأولاده بالقبول، وتابعهم على ذلك أكثر أهل بلده وقبيلته، على قلة منهم، وضعف، كما قدمناه.
فصبروا على مخالفة الناس، والملوك ممن حولهم، والبعيد عنهم؛ وكذلك الإيمان حين تخالط بشاشته القلوب؛ ولهذا تحمل هذا الرجل وأتباعه، عداوة كل من عادى هذا الدين، قال تعالى:{يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ}[سورة البقرة آية: ١٠٥] . وقد قال هرقل لأبي سفيان: وسألتك هل