يرتد أحد سخطه لدينه، فذكرت أن لا، فكذلك الإيمان حين تخالط بشاشته القلوب.
فأشبه أمر هذا الشيخ، رحمه الله تعالى ما جرى لخاتم النبيين، حتى في مهاجره، وأنصاره، وكثرة من عاداه وناوأه في الابتداء، كما هو حال الحق في المبادي، يرده الكثير وينكرونه، ويقبله القليل وينصرونه; فأول من عاداهم: أقرب الناس إليهم بلدا، وأقواه كثرة ومالا، بلاد دهام بن داوس.
وهو أول من شن الغارة عليهم على غفلة وغرة، وعدم الاحتساب منهم، فخرجوا إليه على فشل، فقتل منهم رجالا، منهم فيصل بن سعود، وسعود بن محمد بن سعود، فسبحان من قوى جأش هذا الرجل على نصرة هذا الدين، حين قتل ابناه; ثم سطا عليهم مرة ثانية، فقتل كثيرا ممن سطا بهم، فأخذ المسلمون الثأر منهم. ثم بعد ذلك استمر الحرب بينهم وبينه، أكثر من ثلاثين سنة، وفي تلك الثلاثين السنة أو أكثر، أعانه على حربهم أهل نجران، وابن حميد شيخ بني خالد، مرارا، فيأتونهم بأنواع الكيد والكثرة، فينصرهم الله عليهم، وفي ذلك أعظم عبرة.
وبعد هذه المدة وقع بينه وبين المسلمين وقعة بين البلدين، فقتل فيها ابناه "دواس" و "سعدون" فانتهى أمره، فخرج من بلده هاربا في يوم صيف شديد الحر، وتبعه من تبعه؛ فصارت بلده فيئا للمسلمين، ولم يبق لآل دواس بعد ذلك عين تطرف،