تنْزيلا لذلك منْزلة عبادتهم الملائكة، ليشفعوا لهم عند الله في نصرهم، ورزقهم وما ينوبهم من أمر الدنيا; قال قتادة والسدي ومالك، عن زيد بن أسلم وابن زيد:{إِلاَّ لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى}[سورة الزمر آية: ٣] : ليشفعوا لنا، ويقربونا عنده.
وقال تعالى:{وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ}[سورة الزخرف آية: ٨٧]{وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ}[سورة الزخرف آية: ٩] ، وقال:{وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلاَّ وَهُمْ مُشْرِكُونَ}[سورة يوسف آية: ١٠٦] ، قال ابن عباس وغيره:"إذا سألتهم من خلق السماوات والأرض؟ قالوا: الله; وهم يعبدون معه غيره". ففسروا الإيمان في هذه الآية بإقرارهم بتوحيد الربوبية، والشرك بعبادتهم غير الله، وهو إنكار توحيد الإلهية.
فلما تقرر الإله وأنه المعبود، تعين علينا معرفة حقيقة العبادة وحدها؛ فعرفها بعضهم: بأنها ما أُمر به الإنسان شرعا، من غير اطراد عرفي، ولا اقتضاء عقلي; وقال بعضهم: هي كمال الحب مع كمال الخضوع، وهذا يستلزم طاعة المحبوب والانقياد له.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية، رحمه الله تعالى: هي اسم جامع لكل ما يحبه الله، ويرضاه، من الأقوال، والأعمال الباطنة، والظاهرة، كالصلاة والزكاة والصيام، والحج، وصدق الحديث، وأداء الأمانة، وبر الوالدين، وصلة الأرحام، والأمر