للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد أخبر الله سبحانه في مواضع من كتابه عن المشركين أنهم يقرون بتوحيد الربوبية، ويحتج عليهم سبحانه بإقرارهم بتوحيد الربوبية، على شركهم بتوحيد الإلهية، قال الله تعالى: {قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ} [سورة يونس آية: ٣١] إلى قوله: {فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ فَقُلْ أَفَلا تَتَّقُونَ فَذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمُ الْحَقُّ فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلاَّ الضَّلالُ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ} [سورة يونس آية: ٣١-٣٢] .

قال البكري الشافعي في تفسيره على هذه الآية: إن قلت: إذا أقروا بذلك فكيف عبدوا الأصنام.

قلت: كلهم كانوا يعتقدون بعبادتهم الأصنام عبادة الله، والتقرب إليه، لكن بطرق مختلفة: ففرقة قالت: ليس لنا أهلية عبادة الله بلا واسطة لعظمته، فعبدناها لتقربنا إلى الله زلفى. وفرقة قالت: الملائكة ذو وجاهة عند الله، فاتخذنا أصناما على هيئة الملائكة، لتقربنا إلى الله زلفى.

وفرقة قالت: جعلنا الأصنام قبلة لنا في العبادة، كما أن الكعبة قبلة في عبادته. وفرقة اعتقدت: أن لكل صنم شيطانا موكلا بأمر الله، فمن عبد الصنم حق عبادته قضى الشيطان حوائجه بأمر الله، وإلا أصابه الشيطان بنكبة بأمر الله.

قال ابن كثير رحمه الله، عند قوله تعالى: {وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلاَّ لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} [سورة الزمر آية: ٣] الآية: إنما يحملهم على عبادتهم: أنهم عبدوا الأصنام، اتخذوها على صور الملائكة المقربين في زعمهم؛ فعبدوا تلك الصور

<<  <  ج: ص:  >  >>