للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكذلك: ما يفعله عباد القبور، من دعاء أصحابها، وسؤالهم قضاء الحاجات، وتفريج الكربات، والتقرب إليهم بالذبائح والنذور، عبادة منهم للمقبورين، وإن كانوا لا يسمونه ولا يعتقدونه عبادة.

وكذلك الذين قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم: اجعل لنا ذات أنواط، وإن كانوا يظنون أن هذا من التأله لغير الله، الذي تنفيه لا إله إلا الله، لأنهم يقولون لا إله إلا الله، ويعرفون معناها لأنهم العرب، لكن خفيت عليهم هذه المسألة، لحداثة عهدهم بالكفر، حتى قال النبي صلى الله عليه وسلم: " الله أكبر إنها السنن، قلتم والذي نفسي بيده كما قالت بنو إسرائيل لموسى: {اجْعَلْ لَنَا إِلَهاً كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ} ١ لتركبن سنن من كان قبلكم ".

فإن قيل: فالنبي صلى الله عليه وسلم لم يكفرهم بذلك.

قلنا: هذا يدل على أن من تكلم بكلمة كفر جاهلا بمعناها، ثم نبه فانتبه، أنه لا يكفر; ولا شك أن هؤلاء لو اتخذوا ذات أنواط بعد إنكار النبي صلى الله عليه وسلم لكفروا.

وقال تعالى: {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ إِلاَّ الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} [سورة الزخرف آية: ٢٦-٢٧-٢٨] الضمير في قوله: {وَجَعَلَهَا} راجع لقوله: {إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ إِلاَّ الَّذِي فَطَرَنِي} [سورة الزخرف آية: ٢٦] ؛ قال مجاهد وقتادة: هي شهادة أن لا إله إلا الله،


١ الترمذي: الفتن ٢١٨٠ , وأحمد ٥/٢١٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>