ففي الآية والحديثين قبلها، بيان لمعنى لا إله إلا الله، وأن المراد منها البراءة من التألة والعبادة لغير الله، وإفراده سبحانه وتعالى بالعبادة.
ومن أعظم المصائب: إعراض أكثر الناس عن النظر في معنى هذه الكلمة العظيمة، حتى صار كثير منهم يقول: من قال لا إله إلا الله، لا نقول فيه شيئا، وإن فعل ما فعل، لعدم معرفتهم بمعنى هذه الكلمة نفيا وإثباتا، مع أن قائل ذلك لا بد أن يتناقض.
فلو قيل له: ما تقول فيمن قال لا إله إلا الله، ولا يقر برسالة محمد بن عبد الله؟ لم يتوقف في تكفيره، أو أقر بالشهادتين وأنكر البعث، لم يتوقف في تكفيره، أو استحل الزنى واللواط ونحوه، أو قال: إن الصلوات الخمس ليست بفرض، فلا بد أن يقول بكفر من قال ذلك; فكيف لا تنفعه لا إله إلا الله إذاً، ولا تحول بينه وبين الكفر؟!
فإذا ارتكب ما يناقضها، وهو عبادة غير الله، وهو الشرك الأكبر الذي هو أكبر الذنوب، قيل: هو يقول لا إله إلا الله، ولا يجوز تكفيره، لأنه يتكلم بكلمة التوحيد! لكن آفة الجهل والتقليد أوجبت ذلك، وهؤلاء ونحوهم إذا سمعوا من يقرر التوحيد، ويذكر الشرك، استهزؤوا به وعابوه.
قال شيخ الإسلام - في أثناء كلامه -: والضالون مستخفون