قال: ومن زعم أن الصحابة ارتدوا بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا نفرا قليلا لا يبلغون بضعة عشر، أو أنهم فسقوا، فلا ريب في كفر قائل ذلك، بل من شك في كفره فهو كافر.
قال: ومن ظن أن قوله تعالى: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ}[سورة الإسراء آية: ٢٣] بمعنى قدر، وأن الله سبحانه ما قدر شيئا إلا وقع، وجعل عبدة الأصنام ما عبدوا إلا الله، فإن هذا من أعظم الناس كفرا بالكتب كلها، انتهى.
ولا ريب أن أصحاب هذه المقالة، أهل علم وزهد وعبادة، وأن سبب دعواهم هذه، الجهل.
وقد أخبر الله سبحانه عن الكفار: أنهم في شك مما تدعوهم إليه الرسل، وأنهم في شك من البعث، وقالوا لرسلهم:{وَإِنَّا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونَنَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ}[سورة إبراهيم آية: ٩] وقال تعالى: {وَإِنَّهُمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ}[سورة هود آية:١١٠] ، وقال تعالى اخبارا عنهم:{إِنْ نَظُنُّ إِلاَّ ظَنَّاً وَمَا نَحْنُ بِمُسْتَيْقِنِينَ}[سورة الجاثية آية: ٣٢] .
وقال تعالى عن الكفار:{إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ}[سورة الأعراف آية: ٣٠] ، وقال تعالى:{قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالأَخْسَرِينَ أَعْمَالاً الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً}[سورة الكهف آية: ١٠٣-١٠٤] .