ووصفهم الله سبحانه بغاية الجهل، كما في قوله تعالى:{لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ}[سورة الأعراف آية: ١٧٩] .
وقد ذم الله المقلدين، بقوله عنهم:{إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُهْتَدُونَ}[سورة الزخرف آية: ٢٢] الآيتين، ومع ذلك كفّرهم; واستدل العلماء بهذه الآية ونحوها، على أنه لا يجوز التقليد في معرفة الله والرسالة، وحجة الله سبحانه قائمة بإرساله الرسل، وإن لم يفهموا حجج الله وبيناته.
[قول ابن قدامة لما سئل هل كل مجتهد مصيب؟]
قال الشيخ موفق الدين أبو محمد بن قدامة، رحمه الله تعالى لما انجر كلامه: هل كل مجتهد مصيب؟ ورجح قول الجمهور، أنه ليس كل مجتهد مصيب، بل الحق في قول واحد من أقوال المجتهدين.
قال: وزعم الجاحظ أن من خالف ملة الإسلام، إذا نظر فعجز عن إدراك الحق، فهو معذور غير آثم، إلى أن قال: أما ما ذهب إليه الجاحظ فباطل يقينا، وكفر بالله ورد عليه وعلى رسوله، فنعلم قطعا: أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر اليهود والنصارى بالإسلام واتباعه، وذمهم على الإصرار، وقاتلهم جميعهم، يقتل البالغ منهم; ونعلم: أن المعاند العارف ممن يقل، وإنما الأكثر مقلدة اعتقدوا دين آبائهم تقليدا، ولم يعرفوا معجزة الرسول وصدقه.