وَانْحَرْ} [سورة الكوثر آية: ٢] أي: أخلص له صلاتك، {وَانْحَرْ}[سورة الكوثر آية: ٢] أي: ذبيحتك. فكما أن الصلاة لغير الله شرك، فكذلك قرين الصلاة، وهو الذبح لغير الله شرك، قال تعالى:{قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ}[سورة الأنعام آية: ١٦٢-١٦٣] .
ومن العجب، قول بعض من يحتج للمشركين بالأموات إنهم لا يرجون منهم قضاء حاجاتهم من الميت ونحوه.
فنقول: هذا مكابرة ومغالطة، لأن من المعلوم عند كل ذي عقل أنهم ما دعوهم، وتذللوا، وخضعوا لهم، وبذلوا أموالهم بالنذور، والذبائح، إلا لأنهم يرجون حصول مطلوبهم، وقضاء حاجاتهم من جهتهم؛ فكيف يتصور عند عاقل أن يسمع من يسأل الميت والغائب حاجة، بأن يقول: أعطني كذا وأنا في حسبك، أو يستغيث به لدفع عدو، أو كشف ضر، ويتذلل ويخضع له، ثم يقول: إنه لا يرجو حصول مطلوبه، ودفع مرهوبه من جهته؟!
وكيف يتصور: أن يبذل ماله بالنذور والذبائح - مع أن المال عزيز عند أهله - لمن يرجوه، ويعتقد أنه لا يحصل له من جهته نفع ولا دفع ضر؟! فهذا من أبين المحال، وأبطل الباطل; كيف وهم يفتخرون بقضاء حاجاتهم، وكشف كرباتهم من جهتهم؟! فبعض هؤلاء، منهم من يعتقد أن الميت ونحوه يفعل ذلك أصالة.