للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبعضهم يقول: هم وسيلتنا إلى الله، يعنون واسطة بينهم وبين الله تعالى، كما عليه المشركون الأولون، لأنه سبحانه أخبر عن المشركين، الموجودين حين نزول القرآن أنهم يخلصون لله الدعاء في حال الشدة، وينسون آلهتهم.

وكثير من غلاة أهل هذا الزمان يخلصون الدعاء عند هذه الأمور المهمة والشدائد لولائجهم، كما هو مستفيض عنهم; قال الله تعالى إخبارا عن المشركين الأولين: {فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} } [سورة العنكبوت آية: ٦٥] الآية، وقال تعالى: {وَإِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلاَّ إِيَّاهُ} [سورة الإسراء آية: ٦٧] الآية، وقال تعالى: {قُلْ مَنْ يُنَجِّيكُمْ مِنْ ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ تَدْعُونَهُ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً لَئِنْ أَنْجَانَا مِنْ هَذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ} [سورة الأنعام آية: ٦٣] .

ومن العجب، قول من ينسب إلى علم ودين: إن طلبهم من المقبورين والغائبين ليس دعاء لهم، بل هو نداء!! أفلا يستحي هذا القائل من الناس، إذا لم يستح من الله من هذه الدعوى الفاسدة السامجة، التي يروج بها على رعاع الناس؟!

والله سبحانه قد سمى الدعاء نداء، كما في قوله تعالى: {إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيّاً} [سورة مريم آية: ٣] ، وقوله: {فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لا إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ} [سورة الأنبياء آية: ٨٧] ؛ وأي فرق بين ما إذا سأل العبد ربه حاجته، وبين ما إذا طلبها من غيره، من ميت أو غائب، بأن الأول يسمى دعاء، والثاني يسمى

<<  <  ج: ص:  >  >>