الله، فبعث الله الرسل تنهى أن يدعى أحد من دون الله، لا دعاء عبادة ولا دعاء استغاثة.
قال رحمه الله أيضا: وقد سئل عن رجلين تنازعا; فقال أحدهما: لا بد لنا من واسطة بيننا وبين الله، فإنا لا نقدر أن نصل إليه إلا بذلك.
فأجاب بقوله: إن أراد بذلك أنه لا بد لنا من واسطة تبلغنا أمر الله، فهذا حق، فإن الخلق لا يعلمون ما يحبه الله ويرضاه، وما يأمرهم به وينهاهم عنه، إلا بواسطة الرسل الذين أرسلهم الله إلى عباده؛ وهذا مما أجمع عليه أهل الملل، من المسلمين واليهود والنصارى، فإنهم يثبتون الوسائط بين الله وبين عباده، وهم الرسل، الذين بلغوا عن الله أوامره ونواهيه، قال الله تعالى:{اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلائِكَةِ رُسُلاً وَمِنَ النَّاسِ}[سورة الحج آية: ٧٥] ، ومن أنكر هذه الوسائط فهو كافر بإجماع أهل الملل.
وإن أراد بالواسطة: أنه لا بد من واسطة يتخذها العباد بينهم وبين الله، في جلب المنافع، ودفع المضار، مثل أن يكون واسطة في رزق العباد ونصرهم، وهداهم، يسألونهم ذلك ويرجعون إليه، فهذا من أعظم الشرك، الذي كفر الله به المشركين، حيث اتخذوا من دونه أولياء وشفعاء، يجتلبون بهم المنافع، ويستدفعون بهم المضار، إلى أن قال:
فمن جعل الأنبياء والملائكة وسائط يدعوهم، ويتوكل عليهم، ويسألهم جلب المنافع ودفع المضار، مثل أن يسألهم