لكن لغلبة الجهل، وقلة العلم بآثار الرسالة، في كثير من المتأخرين، لم يمكن تكفيرهم حتى يبين لهم ما جاء به الرسول، قال: ولهذا ما بينت هذه المسألة لمن يعرف أصل دين الإسلام إلا تفطن لها، وقال: هذا أصل دين الإسلام; وكان بعض أكابر الشيوخ العارفين من أصحابنا، يقول: هذا أعظم ما بينته لنا، لعلمه بأن هذا أصل الدين، انتهى.
فقوله رحمه الله: لم يمكن تكفيرهم حتى يبين لهم ما جاء به الرسول، أي: لم يمكن تكفيرهم بأشخاصهم وأعيانهم، بأن يقال: فلان كافر ونحوه، بل يقال: هذا كفر، ومن فعله كافر؛ كما أطلق رحمه الله الكفر على فاعل هذه الأمور ونحوها في مواضع لا تحصى، وحكى إجماع المسلمين على كفر فاعل هذه الأمور الشركية.
وصرح بذلك رحمه الله في مواضع، كما قال في أثناء جواب له في الطائفة القدرية، قال بعد كلام كثير: وأصل ذلك أن المقالة التي هي كفر، في الكتاب والسنة والإجماع، يقال: هي كفر مطلق، كما دل على ذلك الدليل الشرعي؛ فإن الإيمان والكفر، من الأحكام المتلقاة عن الله ورسوله، ليس ذلك مما يحكم الناس فيه بظنونهم، ولا يجب أن يحكم في كل شخص، قال ذلك بأنه كافر حتى يثبت في حقه شروط التكفير، وتنتفي موانعه; مثل من قال: إن الزنى والخمر حلال، لقرب