وهذه الشجرة، وهذه العين، تقبل النذر، أي: تقبل العبادة من دون الله تعالى، فإن النذر عبادة وقربة، يتقرب بها الناذر إلى المنذور له.
وقال في الهدي - في غزوة الطائف - ومنها: أنه لا يجوز إبقاء مواضع الشرك والطواغيت، بعد القدرة على هدمها، وإبطالها يوما واحدا; فإنها شعائر الكفر والشرك، وهي من أعظم المنكرات، فلا يجوز الإقرار عليها بعد القدرة البتة.
وهكذا حكم المشاهد التي بنيت على القبور التي اتخذت أوثانا، وطواغيت تعبد من دون الله، والأحجار التي تقصد بالتعظيم والتبرك والنذر والتقبيل، فلا يجوز إبقاء شيء منها على وجه الأرض، مع القدرة على إزالتها، وكثير منها بِمنْزلة اللات والعزى، ومناة الثالثة الأخرى، بل أعظم تركا عندها وبها، والله المستعان.
ولم يكن أحد من أرباب هذه الطواغيت، يعتقد أنها تخلق وترزق، وتحيي وتميت; وإنما كانوا يفعلون عندها وبها، ما يفعله إخوانهم من المشركين اليوم عند طواغيتهم؛ فاتبع هؤلاء سنن من كان قبلهم، وسلكوا سبيلهم حذو القذة بالقذة، وأخذوا مأخذهم شبرا بشبر وذراعا بذراع؛ وغلب الشرك على أكثر النفوس لظهور الجهل، وخفاء العلم، فصار المعروف منكرا، والمنكر معروفا، والسنة بدعة والبدعة سنة.