للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نشأ على ذلك الصغير وهرم عليه الكبير، وطمست الأعلام واشتدت غربة الإسلام، وقل العلماء وغلب السفهاء، وتفاقم الأمر واشتد البأس، وظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس؛ ولكن لا تزال طائفة من العصابة المحمدية بالحق قائمين، ولأهل الشرك والبدع مجاهدين، إلى أن يرث الله الأرض، ومن عليها، وهو خير الوارثين، انتهى.

والأمر كما قال رحمه الله تعالى: إن سبب حدوث الشرك وظهوره: ظهور الجهل، وخفاء العلم وقلة العلماء، وغلبت السفهاء; فيتبين لطالب الحق أن من جادل عن المشركين، وسهل عليه ما ارتكبوه من الشرك، واحتج لهم بالحجج الباطلة، أنه فاقد أصل العلم وأفرضه، فيستحق أن يوصف بالجهل، وإن كان له اشتغال بأنواع من العلوم القليل نفعها، وفي هذا مصداق قول النبي صلى الله عليه وسلم: " لتتبعن سنن من كان قبلكم، حذو القذة بالقذة "١. وما أحسن ما قال ابن المبارك:

وهل أفسد الدين إلا الملوك ... وأحبار سوء ورهبانها

ويروى: أن هلاك من كان قبلنا، كان على يد قرائهم وفقهائهم، فإنا لله وانا إليه راجعون.

وقال ابن القيم رحمه الله تعالى: ومن ذبح للشيطان ودعاه واستغاث به، وتقرب إليه بما يحب، فقد عبده، وإن لم يسم ذلك عبادة، ويسميه استخداما من الشيطان له، وقال:

والشرك فاحذره فشرك ظاهر ... ذا القسم ليس بقابل الغفران


١ البخاري: أحاديث الأنبياء ٣٤٥٦ , ومسلم: العلم ٢٦٦٩ , وأحمد ٣/٨٤ ,٣/٨٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>