للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل

[فيما يتعين على من نصح نفسه]

يتعين على من نصح نفسه، وعلم أنه مسؤول عمّا قال وفعل، ومحاسب على اعتقاده، وقوله وفعله، أن يعدّ لذلك جوابا، ويخلع ثوبي الجهل والتعصب، ويخلص القصد في طلب الحق، قال الله تعالى: {قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا} [سورة سبأ آية: ٤٦] . وليعلم أنه لا يخلصه إلا اتباع كتاب الله، وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، قال الله تعالى: {اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ قَلِيلاً مَا تَذَكَّرُونَ} [سورة الأعراف آية: ٣] ، وقال تعالى: {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ} [سورة ص آية: ٢٩] .

ولما كان قد سبق في علم الله وقضائه أنه سيقع الاختلاف بين الأمة، أمرهم وأوجب عليهم عند التنازع، الرد إلى كتابه وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، قال تعالى: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً} [سورة النساء آية: ٥٩] ؛ قال العلماء: الردّ إلى الله: الرد إلى كتابه، والرد إلى رسوله: الرد إليه في حياته، والرد إلى سنته بعد وفاته.

ودلت الآيات على أن من لم يرد عند التنازع، إلى كتاب الله وسنة نبيه، فليس بمؤمن، لقوله تعالى: {إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ} [سورة النساء آية: ٥٩] ؛ فهذا شرط ينتفي المشروط بانتفائه، ومحال أن يأمر الله الناس بالرد إلى ما لا يفصل النّزاع، لا سيما في

<<  <  ج: ص:  >  >>