للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله:

إن لم تكن في معادي آخذا بيدي ومنقذي من عذاب الله والألم

وما قبل هذه الأبيات، وما بعدها، ذكرت أن هذا يشابه غلو النصارى في المسيح عليه السلام، قال المعترض: حاشاه من ذلك ... إلخ.

فنقول: مقتضى هذه الأبيات، إثبات علم الغيب للنبي صلى الله عليه وسلم، وأن الدنيا والآخرة من جوده، وتضمنت الاستغاثة به صلى الله عليه وسلم من أعظم الشدائد، ورجاه لكشفها، وهو الآخذ بيده في الآخرة، وإنقاذه من عذاب الله ; وهذه الأمور من خصائص الربوبية والألوهية، التي ادعتها النصارى في المسيح عليه السلام.

وإن لم يقل هؤلاء إن محمدا هو الله، أو ابن الله، ولكن حصلت المشابهة للنصارى في الغلو الذي نهى عنه صلى الله عليه وسلم بقوله: " لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم، إنما أنا عبد، فقولوا: عبد الله ورسوله "١، والإطراء هو المبالغة في المدح، حتى يؤول إلى أن يجعل للممدوح شيء من خصائص الربوبية والألوهية.

وقول المعترض: إن مراد الناظم من هذه الأبيات طلب الشفاعة:

فنقول أولا: هذه الألفاظ صريحة في الاستغاثة بالنبي صلى الله عليه وسلم كقوله: يا أكرم الخلق ما لي من ألوذ به سواك ... إلخ. أي: وإلا فأنا هالك، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول في دعائه " لا ملجأ منك إلا إليك " ٢ وقوله:


١ البخاري: أحاديث الأنبياء ٣٤٤٥ , وأحمد ١/٢٣ ,١/٢٤ ,١/٤٧ ,١/٥٥.
٢ البخاري: الوضوء ٢٤٧ والدعوات ٦٣١١ ,٦٣١٣ ,٦٣١٥ والتوحيد ٧٤٨٨ , ومسلم: الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار ٢٧١٠ , والترمذي: الدعوات ٣٣٩٤ ,٣٥٧٤ , وأبو داود: الأدب ٥٠٤٦ , وابن ماجه: الدعاء ٣٨٧٦ , وأحمد ٤/٢٨٥ ,٤/٢٩٠ ,٤/٢٩٢ ,٤/٢٩٦ ,٤/٢٩٩ ,٤/٣٠٠ ,٤/٣٠١ , والدارمي: الاستئذان ٢٦٨٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>