للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وحده، ولا يجعل معه إله آخر، والذين يجعلون مع الله آلهة أخرى، مثل الشمس والقمر، والمسيح وعزير والملائكة، واللات والعزى ومناة، وغير ذلك، لم يكونوا يعتقدون أنها تخلق، وتنبت النبات، وتنزل المطر.

وإنما كانوا يعبدونهم، أو تماثيلهم، أو قبورهم، يقولون: {مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} [سورة الزمر آية: ٣] ، {وَيَقُولُونَ هَؤُلاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ} [سورة يونس آية: ١٨] فبعث الله الرسل تنهى أن يدعى أحد من دونه، لا دعاء عبادة، ولا دعاء استغاثة ; انتهى.

فليتأمل مريد نجاة نفسه، ما ذكره شيخ الإسلام رحمه الله، يتبين له حقيقة الشرك، الذي أرسل الله الرسل من أولهم إلى آخرهم، ينهون عنه، وأنه الذي يسميه بعض الناس مجازا في هذه الأزمنة تشفعا وتوسلا، وبعض الضّلاّل يسميه مجازا; يعني بذلك أن استغاثتهم بالمقبورين والغائبين، وسؤالهم قضاء حاجاتهم، وتفريج الكربات على سبيل المجاز، وأن الله هو المقصود في الحقيقة.

وهذا معنى قول المشركين: {مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} [سورة الزمر آية: ٣] ، {هَؤُلاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ} [سورة يونس آية: ١٨] ، لأنهم لم يكونوا يعتقدون أن آلهتهم تدبر شيئا من دون الله، وإنما يستجلبون النفع، ويستدفعون الضر بجعلها وسائط بينهم وبين الله الذي بيده الضر والنفع ; ولهذا يخلصون لله الدعاء في الشدائد، لاعتقادهم أن آلهتهم

<<  <  ج: ص:  >  >>