للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المزور، سبب لنيل مقصوده، وتحصيل نصيب مما يفيض على روح ذلك المزور، كما ذكره الفارابي وغيره من عباد الكواكب والأنفس المفارقة ; وقد قال بعض السلف: ما عبدت الشمس والقمر، إلا بالمقاييس.

فصل

[في ذكر ما استدل به على جواز دعاء الصالحين والرد عليه]

قال العراقي: ومن الأدلة على جواز دعاء الصالحين وندائهم ما ذكر الله عن نبيه سليمان، وقوله لآصف، وقد طلب منه ما لا يقدر عليه إلا الله.

فنقول: {سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ} [سورة النور آية: ١٦] ، {وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا} [سورة البقرة آية: ١٠٢] . وقصة آصف من أدلة التوحيد، وآصف توسل إلى الله بتوحيده وإلهيته، وكرر ذلك في دعائه ; وقد قيل: إنه يعرف الاسم الأعظم، فهو طالب من الله راغب إليه سائل له، وسليمان عليه السلام آمر ليس بسائل ولا طالب ; وفرق بين الأمر والمسألة، ومن لم يفرق بين الأمرين، ولم يدر حكم المسألتين، فليرجع إلى وراء، وليقتبس نورا من كلام أئمة العلم والهدى.

وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لعمر بن الخطاب: " لا تنسنا يا أخي من صالح دعائك " ١، وهذا من جنس الأسباب العادية؛ فإن الرجل إذا كان معروفا بالصلاح، وإجابة الدعاء، فطلب منه الدعاء أو أمر به، فدعا الله فاستجيب له، لا يكون هو الفاعل للاستجابة، وليس المطلوب منه ما يختص بالله من الفعل، وإنما يطلب منه


١ الترمذي: الدعوات ٣٥٦٢ , وأبو داود: الصلاة ١٤٩٨ , وابن ماجه: المناسك ٢٨٩٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>